الخميس، 3 نوفمبر 2011

رحل الشوان مرفوع الرأس.. وبقي من خذلوه بالسجون

http://www.misrelgdida.com/up/uploads/GOM3A.jpg
http://productnews.link.net/general/news/02-11-2011/n/shawaan_L_20111121506_s4.jpg

رحل البطل المصري أحمد محمد عبد الرحمن الهوان الشهير بجمعة الشوان عن عمر يناهز 74 عاماً، مليئة بالعطاء وخدمة الوطن ؛ كان الهوان عميلا للمخابرات المصرية لدى المخابرات الإسرائيلية ( الموساد )، واستطاع الحصول على أحدث وأخطر أجهزة الإرسال في العالم وقتها عقب حرب السادس من أكتوبر 1973 .
ولد الهوان وتربى بمدينة السويس، والتي اضطر إلى الهجرة منها هو وعائلته (أمه وأخوه وزوجته) بعد نكسة يونيو 1967 وهناك فقدت زوجته نظرها نتيجة للقصف الإسرائيلي ، واضطر للمكوث في القاهرة بعد عملية التهجير التي طالت معظم أبناء المناطق الساحلية وخاصة السويس.
الدخول لإسرائيل
وبعد عمليات التهجير التي تعرض لها الهوان  اضطر للسفر إلى اليونان وتعرف خلالها على مجموعة من الفتيات اليهوديات واللاتي عرضن عليه العمل بفرع شركة للحديد والصلب بالقاهرة ومن هنا بدأت رحلة الهوان مع عالم الجاسوسية ؛ حيث بدأ عمله الاستخباراتي بين القاهرة وتل أبيب كعميل مزدوج لتزويد المخابرات المصرية بمعلومات هامة عن إسرائيل مقابل خداع العدو الصهيوني بمعلومات مغلوطة حتى استطاع كسب ثقة الموساد الذي قام بالتأكد من ولائه له عبر جهاز كشف الكذب، وهو ما نجح الهوان في اجتيازه بعد تدريبات مكثفة من فريق المخابرات المصري الذي كان يشرف عليه الريس زكريا ( اللواء عبد السلام المحجوب وزير الحكم المحلي السابق ومحافظ الاسكندرية الاسبق ).
لقاء مع عبد الناصر
بعد أن عرض الإسرائيليون على جمعة الشوان العمل معهم مقابل مبالغ مالية ضخمة وقتها، لم يتردد في أن يبعث برسالة إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لطلب مقابلته وهو ما وافق عليه ناصر، حيث حكى له محاولة الموساد تجنيده ، فأمر عبد الناصر جهاز المخابرات بالتعامل معه وتدريبه في عمله الجديد، وأعطاه هاتفه الخاص، كي يتصل به وقتما شاء مثنيا على عمله الوطني هذا، وبالفعل تم تدريبه بشكل مكثف على كيفية أن يكون عميلا مزدوجا للمخابرات المصرية والإسرائيلية.
الكنز الثمين
بعد حرب 1973 سافر احمد الهوان إلى إسرائيل بعد أن تم استدعائه من قبل جهاز الموساد، ووقتها كانت الأمور بالغة السوء بعد الهزيمة التي مني بها الجيش الإسرائيلي أمام الجيش المصري، وحصل الشوان منهم على أصغر جهاز إرسال في العالم وقتها يستطيع إرسال الرسائل في 5 ثواني فقط، بعد أن قاموا بتدريبه جيدا على كيفية استعماله، وبعد أن دخل الشوان بهذا الجهاز للحدود المصرية قام بإرسال رسالة منه لكن لم تكن عن طريقه ، بل عن طريق المخابرات العامة وهو ما اعتبر وقتها لطمه قاسية لأعتى جهاز استخبارات في العالم، والذي كان يتباهى دوما بعبقرية رجاله لكن الشوان لقنهم درساً في "حرب العقول".
تخاذل النظام السابق
بعد أن تقاعد الهوان عقب الحصول على جهاز الإرسال في العام 1976 تعرض لحادث سيارة أدى لإصابته في قدميه وعينه، حاول فتح شركة سياحية استمرت بعض الوقت لكنه اضطر لإغلاقها، وهو ما جعل الديون تتراكم عليه ، وعاش قاهر الموساد في حالة من ضيق ذات اليد، ولم يكفي معاشه الذي يحصل عليه كي يعيش عيشة كريمة تليق به كبطل خدم الوطن لسنوات وهو يحمل روحه على كفه.
وقد شكا الشوان في لقاءات صحيفة وتليفزيونية قبل وفاته من التجاهل الرسمي له أو مساعدته في تكاليف علاجه، إلا أن مبادرة من القوات المسلحة جاءت لعلاجه لكنها لم تستمر طويلا ، وظل البطل المصري يعاني ضيق اليد ، في ظل نظام سياسي كرس كل جهوده لفكرة التوريث وتهميش  رموز الوطن الذين أدوا خدمات جليلة له، واهتم بصغار الناس والتافهين في كل مجال وترك العمالقة تنهشهم قسوة الحياة دون سؤال أو مساعدة.
جمعة الشوان ذهب راضيا مرضيا الى ربه ولسان حاله يقول، سحقا للذين نهبوا الوطن، وكرسوا ثرواته لخدمتهم ولم يعبأوا بالأبطال والرجال، ودارت على هؤلاء المفسدين دائرة الزمن بعد ثورة مجيدة وضعتهم في السجون ، بينما الشوان يذهب الى ربه تحوطه دعوات المخلصين والأوفياء والبسطاء في هذا البلد، الذي يرفع - اذا ساءت أحواله - الاقزام، ويسحق العمالقة.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...